الثلاثاء، 21 فبراير 2012

لماذا تقول الشيعة إنّ عليّاً (ع) وصيّ النبيّ (ص) وخليفته ؟

 
لماذا تقولون إنّ عليّاً (ع) وصيّ النبيّ (ص) وخليفته ؟
الجواب :
أشرنا ـ في الجواب على السؤال السابق ـ إلى أنّ الشيعة تعتقد بوضوح أنّ الخلافة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) منصوصةٌ ، وتعتقد أنّ الإمامة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله) تساوق النبوّة من جهات عديدة ، فكما أنّ تعيين النبيّ(صلى الله عليه وآله) من الله ، كذلك تعيين وصيّه وخليفته يجب أن يكون من الله جلّ وعلا .
وتاريخ حياة نبيّنا (صلى الله عليه وآله) شاهد لما نقول ; حيث نراه(صلى الله عليه وآله) عرّف عليّاً للناس في مواطن متعدّدة بعنوان الولي والخليفة من بعده ، ونحن نكتفي بذكر ثلاث منها :
1 ـ  في بدء البعثة المباركة ، وعندما اُمر النبيّ (صلى الله عليه وآله) بدعوة عشيرته للتوحيد بقوله تعالى : ) وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَْقْرَبِينَ (([1]) ، خاطب الحاضرين بقوله :
إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة  ، وقد أمرني الله تعالى أن أدعوكم إليه ، فأيّكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي ووصيي وخليفتي فيكم ؟
فأحجم القوم عنها جميعاً ، إلاّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) ، فعندها التفت رسول الله(صلى الله عليه وآله) الى الحاضرين وقال :
إنّ هذا أخي ووصيّي وخليفتي فيكم ، فاسمعوا له وأطيعوا ([2])
2 ـ  قال النبيّ (صلى الله عليه وآله)لعليّ (عليه السلام) في غزوة تبوك :
أفلا ترضى يا عليّ أن تكون منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيّ بعدي ؟ ! ([3])
يعني أنّه كما كان هارون(عليه السلام) الوصيّ المباشر ومن دون فصل لموسى(عليه السلام) ، كذلك أنت وصيّي وخليفتي .
3 ـ  في السنة العاشرة من الهجرة وعند رجوع رسول الله(صلى الله عليه وآله) من حجّة الوداع وفي منطقة «غدير خم» و أمام حشود بشريّة عظيمة من المسلمين عرّف رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليّاً بعنوانه وليّاً للمسلمين ، فقال :
«من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه»
الأمر الجالب للانتباه هو قول النبيّ(صلى الله عليه وآله) قبل ذلك وفي أول خطبته حيث قال :
«ألَستُ أولى بكم من أنفسكم ؟»
فأجابه المسلمون أجمع بقولهم : بلى .
وينبغي القول بأن مراد النبيّ (صلى الله عليه وآله) من قوله : «مولاه» هو أولويّته بالمؤمنين وولايته عليهم و أنّه صاحب الاختيار التامّ فيهم . ويمكن أن نستنتج أنّه أثبت بذلك لعليّ(عليه السلام) نفس الأولويّة الثابتة له (صلى الله عليه وآله) .
وفي هذا اليوم قال حسان بن ثابت أبياته التي ذكر فيها هذه الحادثة التاريخيّة المهمّة فقال :
يناديهم يوم الغدير نبيهم  
بخم  وأسمع بالرسول مناديا
فقال فمن مولاكم ونبيكم؟
فقالوا  ولم يبدوا هناك التعاميا
 إلهك  مولانا  و  أنت  نبينا
ولم تلق منّا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا عليّ فانّني
رضيتك من بعدي إماماً وهاديا
فمن كنت مولاه فهذا وليه
فكونوا له أتباع صدق  مواليا
هناك دعا اللّهمّ وال وليّه
وكن للذي عادى عليّاً معاديا([4])
وحديث الغدير من الأحاديث المتواترة بين المسلمين وقد رواه علماؤنا وحدود ثلاثمئة وستون عالماً من علماء أهل السنّة([5]) ، وتنتهي أسانيدها الى مئة وعشر من الصحابة .
وقد كتب ستة وعشرون من كبار علماء المسلمين كتباً في أسناد وطريق حديث الثقلين . وقد جمع أبو جعفر الطبري ـ المؤرّخ المعروف ـ أسناد وطرق هذا الحديث في جزئين كبيرين . وللاطلاع على تفصيل أكثر في هذا المجال راجع كتاب الغدير .



([1])  الشعراء : 214 .
([2])  تاريخ الطبري، ج 2 ، ص 63 . الكامل في التاريخ ، ج 2  ، ص 40 ـ 41 . مسند أحمد ، ج 1 ، ص 111. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج 13 ، ص 210 ـ 212 .
([3])  سيرة النبي (ص) لابن هشام ، ج 4 ، ص 947 . السيرة النبوية لابن كثير ، ج 4 ، ص 12 .
([4])  الغدير ، ج 2 ، ص 34 . المناقب للخوارزمي ، ص 80 . تذكرة خواصّ الاُمة لسبط ابن الجوزي ، ص 20 . كفاية الطالب ، ص 17 .
([5])  انظر ـ كنموذج لذلك ـ كتاب الصواعق المحرقة لابن حجر (الطبعة الثانية، طبع مصر) الفصل 2، ص 122.

ما المقصود من الشيعة ؟

ما المقصود من الشيعة ؟
الجواب :
الشيعة في اللغة العربيّة بمعنى : الأتباع ، وفي الذكر الحكيم : ) وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لاَِ بْراهِيمَ (([1]); أي أنّ من أتباع نوح إبراهيم .
والشيعة في اصطلاح المسلمين تطلق على فرقة إسلامية تعتقد أن النبي(صلى الله عليه وآله) عيّن خليفة المسلمين قبل رحيله من هذا العالم ، وقد بيّن ذلك في مواطن متعدّدة أحدها اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة من السنة العاشرة للهجرة والمعروف بـ «يوم الغدير» حيث صرّح بتعيينه خليفة أمام جمع عظيم من المسلمين و أنه المرجع السياسي والعلمي والديني بعده(صلى الله عليه وآله) .
توضيح ذلك : انّ المسلمين من المهاجرين والأنصار صاروا على طائفتين بعد النبي(صلى الله عليه وآله) هما :
1 ـ الفرقة التي تعتقد أن النبيّ(صلى الله عليه وآله) لم يترك أمر الخلافة هكذا ، بل عيّن خليفة ووليّاً يليه ، وهو أوّل المؤمنين به عليّ بن أبي طالب .
وقد ضمّت هذه الفرقة طائفة من المهاجرين والأنصار ، وعلى رأسهم وجوه بني هاشم وجماعة من كبار الصحابة ; كسلمان و أبي ذر والمقداد وخباب بن الأرت و أضرابهم ، وقد ثبتوا على هذه العقيدة ، وعرفوا بـ «شيعة علي» . وهذا الاسم مستلهم من قول رسول الله(صلى الله عليه وآله) عندما أشار لعلي وقال :
أخرج ابن عساكر عن جابر بن عبد الله قال : كنّا عند النبي(صلى الله عليه وآله) فأقبل عليّ فقال النبيّ(صلى الله عليه وآله) : والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة»([2]) .
وعلى هذا فالشيعة جماعة من مسلمي صدر الإسلام اعتقدوا أنّ الخلافة منصوصة ، عرفوا بهذا الاسم ، ولا يزالون إلى يومنا هذا على هذه العقيدة وعلى اتّباع أهل بيت النبي(صلى الله عليه وآله) .
وبهذا البيان تتضح منزلة الشيعة ، كما يتضح فساد قول بعض الوضّاعين أو الجهّال القائلين بأن التشيّع وليد العصور المتأخرة . ولأجل معرفة تأريخ الشيعة بنحو موسّع ومفصّل راجع الكتب التالية : أصل الشيعة واُصولها ، المراجعات ، أعيان الشيعة .
2 ـ الفرقة التي تعتقد أن الخلافة تابعة للانتخابات وآراء المسلمين هي التي تحدّد الخليفة ، ومن هنا عقدوا البيعة مع أبي بكر ، وقد عرفوا بعد ذلك بـ«أهل السنّة» .
والذي انتهت اليه الاُمة الإسلامية هو حصول هاتين الطائفتين ، لاختلافهما في مسألة الخلافة ، مع اشتراكهما في كثير من الاُصول والفروع ، وقد اتضح أنّ أساسهما هو المهاجرون والأنصار .


([1])  الصافات : 83 .
([2])  الدر المنثور لجلال الدين السيوطي، ج 6 ، ص 379 ذيل الآية : ) إنَّ الّذينَ آمَنُوا وعَمِلُوا الصَّالِحاتِ اُولئِكَ هُم خَيرُ البَرِيَّةِ ( .